كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أحدها: يضل عنه من ضل، قاله ابن عباس.
الثاني: يصرف عنه من صرف، قاله الحسن.
الثالث: يؤفن عنه من أفن، قاله مجاهد، والأفن فساد العقل.
الرابع: يخدع عنه من خدع، قاله قطرب.
الخامس: يكذب فيه من كذب، قاله مقاتل.
السادس: يدفع عنه من دفع، قاله اليزيدي.
{قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: لعن المرتابون، قاله ابن عباس.
الثاني: لعن الكذابون، قاله الحسن.
الثالث: أنهم أهل الظنون والفرية، قاله قتادة.
الرابع: أنهم المنهمكون، وهو مروي عن ابن عباس أيضًا.
وقوله: {قُتِلَ} ها هنا، بمعنى لعن، والقتل اللعن. وأما الخراصون فهو جمع خارص. وفي الخرص ها هنا وجهان:
أحدهما: أنه تعمد الكذب، قاله الأصم.
الثاني: ظن الكذب، لأن الخرص حزر وظن، ومنه أخذ خرص الثمار.
وفيما يخرصونه وجهان:
أحدهما: تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم.
الثاني: التكذيب بالبعث. وفي معنى الأربع تأويلات وقد تقدم ذكرها في أولها {الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: في غفلة لاهون، قاله ابن عباس.
الثاني: في ضلالاتهم متمادون، وهو مروي عن ابن عباس أيضًا.
الثالث: في عمى وشبهة يترددون، قاله قتادة.
ويحتمل رابعًا: الذين هم في مأثم المعاصي ساهون عن أداء الفرائض.
{يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} أي متى يوم الجزاء. وقيل: إن أيان كلمة مركبة من أي وآن.
{يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} في {يُفْتَنُونَ} ثلاثة أوجه:
أحدها: أي يعذبون، قاله ابن عباس، ومنه قول الشاعر:
كل امرئ من عباد الله مضطهد ** ببطن مكة مقهور مفتون

الثاني: يطبخون ويحرقون، كما يفتن الذهب بالنار، وهو معنى قول عكرمة والضحاك.
الثالث: يكذبون توبيخًا وتقريعًا زيادة في عذابهم.
{ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ} الآية. فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: معنى فتنتكم أي عذابكم، قاله ابن زيد.
الثاني: حريقكم، قاله مجاهد.
الثالث: تكذبيكم، قاله ابن عباس.
{ءَآخِذِينَ مَآَاتَاهُمْ رَبُّهُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: من الفرائض، قاله ابن عباس.
الثاني: من الثواب، قاله الضحاك.
{إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذلِكَ مُحسِنِينَ} أي قبل الفرائض محسنين بالإجابة، قاله ابن عباس.
الثاني: قبل يوم القيامة محسنين بالفرائض، قاله الضحاك.
{كَانُواْ قَلْيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: راجع على ما تقدم من قوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُواْ قَلِيلًا} بمعنى أن المحسنين كانوا قليلًا، ثم استأنف: من الليل ما يهجعون، قاله الضحاك.
الثاني: أنه خطاب مستأنف بعد تمام ما تقدمه، ابتداؤه كانوا قليلًا، الآية. والهجوع: النوم، قال الشاعر:
أزالكم الوسمي أحدث روضه ** بليل وأحداق الأنام هجوع

وفي تأويل ذلك أربعة أوجه:
أحدها {كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون} أي يستيقظون فيه فيصلون ولا ينامون إلا قليلًا، قاله الحسن.
الثاني: أن منهم قليلًا ما يهجعون للصلاة في الليل وإن كان أكثرهم هجوعًا، قاله الضحاك.
الثالث: أنهم كانوا في قليل من الليل ما يهجعون حتى يصلوا صلاة المغرب وعشاء الآخرة، قاله أبو مالك.
الرابع: أنهم كانوا قليلًا يهجعون، وما: صلة زائدة، وهذا لما كان قيام الليل فرضًا. وكان أبو ذر يحتجن يأخذ العصا فيعتمد عليها حتى نزلت الرخصة {قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلًا}.
{وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: وبالأسحار هم يصلون، قاله الضحاك.
الثاني: أنهم كانوا يؤخرون الاستغفار من ذنوبهم إلى السحر ليستغفروا فيه، قاله الحسن.
قال ابن زيد: وهو الوقت الذي أخر يعقوب الاستغفار لبنيه حتى استغفر لهم فيه حين قال لهم {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} [يوسف: 98]. قال ابن زيد: والسحر السدس الأخير من الليل. وقيل إنما سمي سحرًا لاشتباهه بين النور والظلمة.
{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ} فيه وجهان:
أحدهما: أنها الزكاة، قاله ابن سيرين وقتادة وابن أبي مريم.
الثاني: أنه حق سوى الزكاة تصل له رحمًا أو تقري به ضيفًا أو تحمل به كلًا أو تغني به محرومًا، قاله ابن عباس.
{لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} أما السائل فهو مَن يسأل الناس لفاقته، وأما المحروم، ففيه ثمانية أقوال:
أحدها: المتعفف الذي يسأل الناس شيئًا ولا يعلم بحاجته، قاله قتادة.
الثاني: أنه الذي يجيء بعد الغنيمة وليس له فيها سهم، قاله الحسن ومحمد بن الحنفية. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فأصابوا وغنموا، فجاء قوم بعدما فرغوا فنزلت الآية.
الثالث: أنه من ليس له سهم في الإسلام، قاله ابن عباس.
الرابع: المحارف الذي لا يكاد يتيسر له مكسبه، وهذا قول عائشة.
الخامس: أنه الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه، وهو مروي عن ابن عباس أيضًا.
السادس: أنه المصاب بثمره وزرعه يعينه من لم يصب، قاله ابن زيد:
السابع: أنه المملوك، قاله عبد الرحمن بن حميد.
الثامن: أنه الكلب، روي أن عمر بن عبد العزيز كان في طريق مكة فجاء كلب فاحتز عمر كتف شاة فرمى بها إليه وقال: يقولون إنه المحروم.
ويحتمل تاسعًا: أنه من وجبت نفقته من ذوي الأنساب لأنه قد حرم كسب نفسه، حتى وجبت نفقته في مال غيره.
{وَفِي الأَرْضِ ءَآيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ} يعني عظات للمعتبرين من أهل اليقين وفيها وجهان:
أحدهما: ما فيها من الجبال والبحار والأنهار، قاله مقاتل.
الثاني: من أهلك من الأمم السالفة وأباد من القرون الخالية، قاله الكلبي.
{وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أنه سبيل الغائط والبول، قاله ابن الزبير ومجاهد.
الثاني: تسوية مفاصل أيديكم وأرجلكم وجوارحكم دليل على أنكم خلقتم لعبادته، قاله قتادة.
الثالث: في خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون، قاله ابن زيد.
الرابع: في حياتكم وموتكم وفيما يدخل ويخرج من طعامكم، قاله السدي.
الخامس: في الكبر بعد الشباب، والضعف بعد القوة، والشيب بعد السواد، قاله الحسن.
ويحتمل سادسًا: أنه نجح العاجز وحرمان الحازم.
{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} فيه تأويلان:
أحدهما: ما ينزل من السماء من مطر وثلج ينبت به الزرع ويحيا به الخلق فهو رزق لهم من السماء، قاله سعيد بن جبير والضحاك.
الثاني: يعني أن من عند الله الذي في السماء رزقكم.
ويحتمل وجهًا ثالثًا: وفي السماء تقدير رزقكم وما قسمه لكم مكتوب في أم الكتاب.
وأما قوله: {وَمَا تُوعَدُونَ} ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: من خير وشر، قاله مجاهد.
الثاني: من جنة ونار، قاله الضحاك.
الثالث: من أمر الساعة، قاله الربيع.
{فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: ما جاء به الرسول من دين وبلغه من رسالة.
الثاني: ما عد الله عليهم في هذه السورة من آياته وذكره من عظاته. قال الحسن: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قَاتَلَ اللَّهُ أَقْوَامًا أَقْسَمَ لَهُمْ رَبُّهُمْ بِنَفْسِهِ ثُمَّ لَمْ يُصَدِّقُوهُ».
وقد كان قس بن ساعدة في جاهليته ينبه بعقله على هذه العبر فاتعظ واعتبر، فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رَأَيتُهُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ بِعُكَاظَ وَهُوَ يَقول: أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُواْ وَعُوا، مِنْ عَاشَ مَاتَ، وَمَن مَّاتَ فَاتَ، وَكُلُّ مَا هُوَا ءَآتٍ ءآتٍ، مَا لِي أَرَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ فَلاَ يَرْجِعُونَ؟ أَرَضُواْ بِالإِقَامَةِ فَأَقَامُواْ؟ أَمْ تُرِكُوا فَنَاموا؟ إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، وَإِنَّ فِي الأَرْضِ لَعِبَرًا، سَقْفٌ مَرْفُوعٌ، وَلَيلٌ مَوضُوعٌ، وَبِحَارٌ تَثُورٌ، وَنُجُومٌ تَحُورُ ثُمَّ تَغُورُ، أُقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَمًا مَا ءَاثَمُ فِيهِ، إِنَّ للهِ دِينًا هُوَ أَرْضَى مِن دِينٍ أَنتُم عَلَيهِ. ثُمَّ تَكَلَّمَ بِأَبْيَاتِ شِعْرٍ مَأ أَدْرِي مَا هِيَ، فقال أبو بكر: كنت حاضرًا إذ ذاك والأبيات عندي وأنشد:
في الذاهبين الأولين ** من القرون لنا بصائر

لما رأيت مواردًا ** للموت ليس لها مصادر

ورأيت قومي نحوها ** يمضي الأكابر والأصاغر

لا يرجع الماضي إليَّ ** ولا من الباقين غابر

أيقنت أني لامحا ** له حيث صار القوم صائر

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ».
ونحن نسأل الله تعالى مع زاجر العقل ورادع السمع أن يصرف نوازع الهوى ومواقع البلوى. فلا عذر مع الإنذار، ولا دالة مع الاعتبار، وأن تفقهن الرشد تدرك فوزًا منه وتكرمة.
{هَلْ أَتَاكَ حديث ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} قال عثمان بن محسن: كانوا أربعة من الملائكة: جبريل وميكائيل وإسرافيل ورفائيل.
وفي قوله: {الْمُكْرَمِينَ} وجهان:
أحدهما: أنهم عند الله المعظمون.
الثاني: مكرمون لإكرام إبراهيم لهم حين خدمهم بنفسه، قاله مجاهد.
قال عطاء: وكان إبراهيم إذا أراد أن يتغذى، أو يتعشى خرج الميل والميلين والثلاثة، فيطلب من يأكل معه.
قال عكرمة: وكان إبراهيم يكنى أبا الضيفان، وكان لقصره أربعة أبواب لكي لا يفوته أحد.
وسمي الضيف ضيفًا، لإضافته إليك وإنزاله عليك.
{إِذْ دَخَلُواْ عَلَيهِ فَقالواْ سَلاَمًا} فيه وجهان:
أحدهما: قاله الأخفش، أي مسالمين غير محاربين لتسكن نفسه.
الثاني: أنه دعا لهم بالسلامة، وهو قول الجمهور، لأن التحية بالسلام تقتضي السكون والأمان، قال الشاعر:
أظلوم إن مصابكم رجلًا ** أهدى السلام تحية ظلم

فأجابهم إبراهيم عن سلامتهم بمثله:
{قال سَلاَمٌ قَوْمٌ مَنكَرُونَ} لأنه رآهم على غير صورة البشر وعلى غير صورة الملائكة الذين كان يعرفهم، فنكرهم وقال: {قَوْمٌ مَنكَرُونَ} وفيه وجهان:
أحدهما: أي قوم لا يعرفون.
الثاني: أي قوم يخافون، يقال أنكرته إذا خفته، قال الشاعر:
فأنكرتني وما كان الذي نكرت ** من الحوادث إلا الشيب والصلعا

{فَرَاغَ إِلى أَهْلِهِ} فيه وجهان:
أحدهما: فعدل إلى أهله، قاله الزجاج.
الثاني: أنه أخفى ميله إلى أهله.
{فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} أما العجل ففي تسميته بذلك وجهان:
أحدهما: لأن بني إسرائيل عجلوا بعبادته.
الثاني: لأنه عجل في اتباع أمه.
قال قتادة: جاءهم بعجل لأن كان عامة مال إبراهيم البقر، واختاره لهم سمينًا زيادة في إكرامهم، وجاء به مشويًا، وهو محذوف من الكلام لما فيه من الدليل عليه.
فروى عون ابن أبي شداد أن جبريل مسح العجل بجناحه فقام يدرج، حتى لحق بأمه، وأم العجل في الدار.
{فَقَرَّبَهُ إِلَيهِم قال أَلاَ تَأَْكُلُونَ} لأنهم امتنعوا من الأكل لأن الملائكة لا يأكلون ولا يشربون، فروى مكحول أنهم قالوا لا نأكله إلا بثمن، قال كلوا فإن له ثمنًا، قالوا وما ثمنه؟ قال: إذا وضعتم أيديكم أن تقولوا: بسم الله، وإذا فرغتم أن تقولوا: الحمد لله، قالوا: بهذا اختارك الله يا إبراهيم.
{فَأوْجَسَ مِنهُمْ خِيفَةً} لأنهم لم يأكلوا، خاف أن يكون مجيئهم إليه لشر يريدونه به.
{قالواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ} فيه قولان:
أحدهما: أنه إسحاق من سارة، استشهادًا بقوله تعالى في آية أخرى {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ} [الصافات: 112].
الثاني: أنه إسماعيل من هاجر، قاله مجاهد.
{عَلِيمٍ} أي يرزقه الله علمًا إذا كبر.
{فَأَقْبَلَتِ امْرَأتُهُ فِي صَرَّةٍ} فيها ثلاثة أقاويل:
أحدها: الرنة والتأوه، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر: